أجبروني على خلع ملابسي كاملة لساعات.590870709856

أدخلوني سبعة أيام بلياليها الى صندوق حديد أشبه بالتابوت.

بقيت 45 يوما مطمشا. لا أرى شيئا.

قلعوا لي سنين نتيجة لكمات على وجهي ومن خلال الحذاء الذي ضربني به.

يعلق الشخص من يديه على ارتفاع أعلى من طول المعتقل دون لمسه الأرض وهذا العذاب كان يدوم من 6 الى 10 ساعات.

الكاتب والراوي مجهولان- سؤال برسم الإجابة للأجهزة الأمنية في سوريا

فضل عدم ذكر اسمه, لأنه عدم ذكر أي معلومة او حتى إيحاء للدلالة عليه, سيقتاد الى المعتقل من جديد. هذه هي حال الناشطين السوريين المناهضين للنظام السوري, يحاولون ابتكار كافة طرق وأشكال النضال للوقوف أمام الجلاد والمستبد الذي يحكم سوريا منذ أكثر من أربعين عاما.

الناشط المعارض تعرض لكل أنواع وأشكال التعذيب؛ خلال اعتقاله في أحدى الجهات الأمنية التي نمتنع عن ذكرها كي لا توحي بأي تفصيل للمعارض. بدأ كلامه عن صموده بوجه الة التعذيب التي كانت ترافقه في ليله ونهاره وقال" أنني حاولت الصمود بالفرع الذي شكّل بحد ذاته وبمعزل عن نتائجه معجزة حقيقة؛ كيف يمكن وانا لا  املك غطاءً أقف في الليل والنهار على مدى الأشهر الخمسة  أن طالبت  بالحرية، و ان أوجه الجلاد وهو يواجه إرادتي وعزيمتي وعقيدتي، هذا الصمود في الحقيقة بكل المعايير والمقاييس البشرية والإنسانية ليس إلا واحد من مئات الآلاف المعتقلين الذين يملكون الإرادة والقوة و العزيمة"

ففي لحظة اعتقاله يقول الناشط السوري" في صباح 1\8\2011 وانا ذاهب الى العمل يتصل بي صديقي وقال انه يريدني بموضوع مهم. والتقيت به في أحد حدائق دمشق الجميلة وبعد ثواني من جلوسي واذ هنالك أكثر من ثلاثين عنصرا من الأمن ينقضون علي وأنا أجلس على الأرض وبعد ضرب ولكم على وجهي تعرضت لضربة من كعب الروسية (كلاشنكوف) على راسي وسقطت أرضا؛ فاقد الوعي  وبعد ساعتين أجد نفسي في الفرع ممتد على الأرض وانا مغمض العينيين بوضع القطن واجد رأسي ملفوف بالشاش ووضع فوق عيني (طميشة) يعني عصابة العينين من البلاستيك"

ويتابع الناشط" أدخلوني الى غرفة وسألنني شخص يبدوا انه كان المحقق او مساعده, انك قد خرجت في مظاهرات وتعمل في تنسيقيات. على الفور نكرت ذالك وقتها تعرضت للضرب من قبل الجلاد بواسطة كبل كهرباء رباعي على بطة قدمي أربع مرات وسقت على الأرض وقال المحقق للجلاد خذه الى الداخل وهنا بدأ مسلسل التعذيب؛ فقد أدخلوني الى مكان اجبروني على خلع ثيابي وتفتيشي تفتيشا دقيقا وانا عاري من الثياب ومن ثم أدخلوني الى الزنزانة"

ولكن المفاجئة ان هذه الزنزانة لم تكن غرفة او منفردة كالتي سمعنا عنها الكثير من شباب معتقلي حزب العمل او حزب الشعب منن قضوا أعواما فيها؛ كانت هذه المرة غرفة مختلفة. ويوصف الناشط السوري زنزانته" أدخلوني الى صندوق حديد أشبه بالتابوت. وكان طوله لا يتجاوز 160 سم و انا طولي 180 سم وارتفاعه كان اقل من 45 سم. وعرضه 50 سم ودخلت الصندوق من خلال فتحة في أعلى الصندوق قياسه 50\50 و من ثم أغلق الصندوق وكان على جنب الصندوق ما يسمى (بالشراقة ) بمفهوم الأمن وهي نافذة للطعام والتهوية لا يتجاوز قطرها 15 سم"

ويتابع الناشط كلامه" كانت في أسفل قاعدة الصندوق فتحة من اجل البول والبراز وقد أسميت هذا الصندوق بالتابوت الحي الذي لا يفرق عن التابوت الحقيقي بشيء. ولكن التابوت الحقيقي أفضل بكثير لأنك تعتبر ميت وشهيد من اجل الحرية وبقيت بهذا المكان سبعة ايام بلياليها متواصلة. وكانت وجبة الأكل مرة واحدة وهي ربع رغيف من الخبر + بيضة واحدة ولكن مع الآسف الأيام الخمسة الأولى لم استطع  تناول البيضة بسبب الفتحة الموجودة في مؤخرة التابوت و الذي تسقط البيضة فيها ومع إصراري بعد خمس ايام على تناول البيضة قمت بإغلاق الفتحة بقدمي و من ثم رفعه الى فمي بعد معاناة دامت 45 دقيقة و بالنهاية تناولتها بقشرها وهي ممتلئة بالبول و البراز وذالك من اجل الصراع مع البقاء و كي تبقى إرادتي قوية"

ما يرويه الناشط السوري ليس فلما من أفلام هوليود. او قصة لأحد الكتاب المشهورين. أنها رواية لناشط سوري تعرض لكل ما عرف من تعذيب, وبقي يصارع الجلاد وأدواته ليخرج ويكمل ما بدأ مع رفاق الدرب. ويضيف عن أيامه التي قضاها في التابوت الحي كما اسماه" كنت في داخل الصندوق يراودني الإحساس بالبقاء وكنت أتكلم مع أناي وهي ذاتي وأحاورها وفي بعض الأحيان يزداد صوتي بالنقاش مع الذات فهو الوحيد الذي رافقني في صبري وبقي معي لاخر لحظة من العذاب النفسي والجسدي"

وبعد سبعة أيام من العذاب أخرجوه من الموت الى موت آخر ولكن بشكل جديد. الى زنزانة ارتفاعها 160 و عرضها 70 والتي بقي فيها لمدة سبعة أيام أخرى وبداخلها كان يوجد مصرف للبول والبراز.

وعن الأيام السبع الماضية يقول الناشط" كنت في التنفس الصباحي والمسائي أتعرض ( للفلقة) وانا ممتد على الأرض وأنام على بطني وارفع قدمي وكنت أتعرض للتعذيب بخمس ضربات في قدمي والباقي على إنحاء. قلت للمحقق والجلاد أثناء دخولي: من شان الله كل شيء الا الدولاب وأتوسل أليك من اجل لا تضعني بالدولاب) فقال المحقق  للجلاد: هذا الشخص كونه لا يريد الدولاب ويخاف منه فضعوه بالدولاب فهو المناسب لتعذيبه. طبعا هي حيلة لأنني أسعد شخص أثناءها بسبب وضعي بالدولاب لأنني أدرك ان التعرض بالضرب على القدم أهون من كافة أنحاء جسدي"

وبعد هذه الأيام بدأ فصل جديد من تعذيب الناشط المعارض وبعد أربعة عشر يوما بدء التحقيق مع الناشط السوري. والتي كانت استراحته الصباحية والمسائية (الفلقة) اي ضرب القدم دمي بالكرباج  50 ضربة صباحية ومثلهن مسائية. وكانت مدة التحقيق كل يوم ما يقارب عشر ساعات بسبب الملف الكبير الذي نسب اليه, فلم تبقى تهمة او جريمة ونسبوها لها. هذا التحقيق دام حوالي خمسين يوما.

الناشط السوري قطع عهدا على نفسه" فقطعت عهدا بأن لا اذكر اي شخص ولا أريد ان يكون اي صديق من أصدقائي في مكاني لن اذكر اي شخص لأنه سيجر أكثر من 40 ناشط وناشطة. سأصبر وحدي وأتحمل العذاب والموت من اجل شعبنا الذي يناضل من اجل الحرية والكرامة"

ويقول الناشط السوري بعض الكلمات دون أي يرفع صوته يبدوا ان ثقافة الخوف في سوريا أصبح عادة دون ان ننتبه لها. ويقول" من يخرج معك ومن انتم و كيف تم التنسيق للمظاهرات ولكن عبث لم اذكر اي شخص للمحقق, نعم الصبر لوحدي أفضل من مجيء احدهم ولا يستطيع تحمل ما عانيته, وهكذا سيفضح كل عملنا ونشاطنا وهذا مالا يجوز"

ويتابع كلامه عن أشكال التعذيب الذي تعرض له" كان أسلوب تعذيب المحقق وهو يحقق معي قلع  سنين من أسناني  نتيجة لكمات على وجهي ومن خلال الحذاء الذي ضربني به. وبعد عشرين يوما تم ضربي بعصاة الكهرباء على يدي اليسرى فأدى الى نزيف في قدمي من خلال أصبعي وكنت قد وقعت أرضا وأغمي علي ولم أكن بوعي لساعات. وبعد ثلاثة أيام يكرر المحقق الأسئلة ويكرر الضرب من خلال حذائه وتمديدي على الأرض وضربي بالكرباج على ظهري  فكنت فقط أتألم ليس من التعذيب ولكن من كأس الخيانة الذي سقاني إياها صديقي بعد أكثر من عشر سنوات من المعرفة فباع نفسه لأجل من المال"

الناشط السوري بقي في قبو المخابرات لمدة خمسة وارعين يوما, تعرف على كل أشكال وأصناف وألوان التعذيب في أقبية الأمن. ويقول" بقيت في الفرع 45 يوما مطمشا, بعدها تم فك العصبة من عيناي أول مرة منذ بداية وجودي وبعد ثلاث ساعات لم أشاهد أمامي؛ فظننت أنني لم أرى في حياتي الضوء وجاء النور الى عيني فكنت في زنزانة مظلمة لا يدخل عليها النور. أخرجوني الى غرفة كان فيها ففتاتان عاريتان؛ ولم أكمل المشاهدة بسبب الظلم والمشهد المروع وفتلت راسي فإذا بالجلاد يأخذني الى غرفة أخرى, وقال لي: سنأتي بأمك واختك وستشاهدهن نفس المشهد وتشرف على تعذيبهن, اذا لم تعترف. كان الجواب بعد أكثر من خمس دقائق لولهة الصدمة: إن الفتاتان الموجودتان هما اخوتي وامي واختي ليس أحسن وأشرف منه فأفعل ما تريد و ما تشاء. فإذ به الجلاد يستوحش و ينقض عليي ويزيد الامي وعذابي واهاتي"

طبعا في التحقيق في اجهزة المخابرات السورية شكلية, اذ يقومون بكتابة ما يريدون وعلى الموقوف ان يبصم عليه دون حتى الإطلاع عليه. وهذا ماحدث مع الناشط السوري الذي قال" تم كتابة ما يريدون من التهم وإجباري على البصم على ملف تحقيق مؤلف من 30 ورقة 7 منها مكتوبة والباقي كانت فارغة. ولن أنسى التعذيب من خلال التشبيح عن طريق تعليق المعتقل بيديه على ارتفاع اعلى من طول المعتقل دون لمسه الأرض وهذا العذاب كان يدوم بين 6 الى 10 ساعات ويكون الشخص قد فقد وعيه ويرمونه على الأرض ولكي يسترجع قواه الشخص كان يحتاج الى اكثر من ساعتين وهو يتالم ويتوجع"

ويختتم الناشط السوري حديث يروي فصول التعذيب التي تعرض لها في قبو المخابرات" هذه التضحيات في النهاية سوف تفتح أبواباً جديدة لنا، سوريا اليوم يوجد لديها ثروة من المفكرين والادباء والمناضلين والمتعطشون للحرية من كافة فئات الشعب وبكل طوائفه واقلياته، وهذه الثروة وطنية، هي ليست ملك أحد فهي ملك الوطن لبناء وطن حر وطن كرامة وشرف وعز. وفي نهاية كلامي أتوجه بالتحية إلى أرواح كل الشهداء, شهداء الشعب، إلى عائلات الشهداء, إلى كل الجرحى وعائلات الجرحى، إلى كل من اعتقل، إلى كل المهجرين من بيوتهم، إلى القلوب الواسعة التي آوتهم واحتضنتهم، إلى الذين دُمرت بيوتهم وأرزاقهم وصبروا، إلى كل من دعم وأيّد وساند بعمل أو فعل، موقف أو كلمة أو بسمة أو دمعة ، ومن قد أكون قد نسيتهم، دائما شكر متجدد وتحية متجددة إلى كل الذين وقفوا إلى جانب الثورة السورية"

عند الانتهاء من كتابة التحقيق كنت ارغب كتابة اسمي الصريح, لأنني كنت ومازلت اؤمن ان هذه الثقافة التي ورثوها لنا أجهزة الأمن والمخابرات لم تنجح في قمعنا, فها هو الشعب السوري ينتفض بوجه الدكتاتورية والاستبداد. ويطالبون بإسقاط النظام بكل رموزه ومسمياته. ولكن في حال كتابة اسمي الصريح سيكون أول أجراء بحقي هو الكشف عن الناشط المناضل الذي صبر وتمسك بالحياة ليعود وينشط ويثور ضد النظام. لهذه الأسباب تحفظت على كتابة اسمي.

المصدر: http://all4syria.info/web/archives/45322

أضف تعليق